تتناول هذه المقالة ملخص كتاب الذكاء العاطفي للكاتب وعالم النفس دانييل جولمان حول الذكاء العاطفي وأهميّته في حياة الفرد والمجتمع.
في كتابه، يقوم جولمان بتحليل أركان الذكاء العاطفي ويشرح لنا كيف يُمكن للأفراد تطويره لتحسين حياتهم الشخصيّة والمهنيّة على حد سواء.
بداية ملخص كتاب الذكاء العاطفي (للكاتب دانييل جولمان):
يُعدّ البشر الكائنات الأكثر ذكاءً على كوكب الأرض، فقد ابتكروا العلم والفن، وتعلّموا كيفيّة الطيران ووصلوا إلى القمر، وحاربوا الأمراض. بالإضافة إلى الجانب العقلاني في شخصياتنا، هُناك جانب آخر غير منطقي ومُظلم؛ إنّه المشاعر والعواطف.
نتعامل مع المشاعر طول الوقت. مع ذلك، لا يُمكننا دائمًا تفسير سبب شعورنا بها، وما الذي ينبغي لنا فعله بشأن ذلك.
في بعض الأحيان، نتصرّف مثل القطط العميّاء، ما يجعل الأمر مُعقّدًا سواءً مع العائلة أوفي العمل… هل ينبغي لنا إذن تقبّل الأمر كما هو؟
بطبيعة الحال، لا. في كتابه “الذكاء العاطفي”، يشرح لنا دانيال جولمان أنّ المشاعر يُمكن دراستها، ويُمكن تعليم الأشخاص كيفيّة فهم وإدارة مشاعرهم الخاصّة.
كُتب هذا الكتاب عام 1995 (Emotional Intelligence by Daniel Goleman)، ومنذ ذلك الحين، أصبح مُصطلح “الذكاء العاطفي” معروفًا ومقبولًا على نطاق واسع خاصةً في المجال الأكاديمي.
إذن، ما الذكاء العاطفي وما دوره في حياتنا؟ لمعرفة ذلك دعونا نُلقي نظرة سريعة على كلّ فصل من فُصول الكتاب.
محتوى المقالة
ملخص كتاب الذكاء العاطفي
فيما يلي “ملخص كتاب الذكاء العاطفي” كاملًا للكاتب وعالم النفس دانييل جولمان.
الجزء 1: الدماغ العاطفي
الجزء الأول من “ملخص كتاب الذكاء العاطفي” للكاتب وعالم النفس دانييل جولمان.
ما الغرض من العواطف؟
يُسلّط اسم “هومو سابينز”، الذي يعني “الإنسان الحكيم” باللاتينية، الضوء على قُدرتنا على التفكير.
مع ذلك، يُشير جولمان إلى أنّ قيمة الذكاء العقلي مُبالغ فيها في حياة الإنسان. غالبًا ما تتغلّب المشاعر على العقل، وهُناك تفسير تطوّري لذلك.
التفسير: تاريخ مشاعرنا طويل للغاية: حيث ورثنا دوائرًا عصبيّةً عاطفيّةً تطوّرت جينيًا على مدار 50,000 جيل بشري. ومع تقدّم الحضارة بسُرعة خلال الآلاف السنين الماضيّة، إلّا أنّها لم تُؤثرّ كثيرًا في مشاعرنا.
عمومًا، المشاعر التي لدينا الآن هي نفس المشاعر التي كانت لدى أجدادنا البعيدين. استنادًا إلى ذلك، يُشير جولمان إلى أنّنا غالبًا ما نُواجه التحدّيات الحديثة بمجمُوعة عاطفيّة كُيّفن مع مُتطلّبات العُصور القديمة.
تطوّر الإنسان ليكون لديه الجانب العاطفي والعقلي. ويعود السبب في ذلك إلى النيوكورتكس “القشرة الجديدة”، وهو مركز الفكر، الذي يكون أكبر لدى البشر مقارنةً بالأنواع الأُخرى. بفضل النيوكورتكس، يُمكننا تحليل مشاعرنا وأفكارنا – ويُمكننا أن نشعر بالمشاعر تجاه المشاعر.
مع ذلك، لا يُسيّطر النيوكورتكس على حياتنا العاطفية. في “حالات الطوارئ العاطفيّة”، يتولّى الجهاز الليمبي (الجهاز الحافي) المسؤوليّة.
تشريح النوبات الانفعاليّة
الانفجارات العاطفية هي فترات قصيرة من الانفعالات العاطفية، مثل الغضب الشديد، التي تحدث قبل أن يتمكّن النيوكورتيكس، أي الدماغ التفكيري، من تحليل الوضع. لا يحدث هذا فقط عندما تكون العواطف سلبيّة.
يُمكن أن تكون تفجيرات من الضحك أو الفرح الشديد. السبب وراء ذلك هو اللوزة الدماغية (amygdala) – جزء من الدماغ يُطلق عليه جولمان اسم “مركز العاطفة”.
تقوم اللوزة الدماغية بفحص كل وضع للبحث عن المشكلات. ونتساءل ما إذا كان هذا سيُؤذينا، إذا كانت الإجابة بنعم، تُرسل اللوزة الدماغية رسالة عاجلة إلى كل جُزء من جسمنا – وتُحفّز دماغنا التفكيري. ونتيجة لذلك، لا يُمكننا في الغالب السيطرة على عواطفنا؛ نحن فقط نُدفع للتصرّف.
هنا تكمن أهمية الذكاء العاطفي بنفس قدر الذكاء العقلي، كما يقول جولمان:
“كان النموذج القديم يتبنّى مثالًا مثاليًّا للعقل الخالي من تأثير العواطف. أمّا النموذج الجديد فيحثُّنا على تحقيق التوازن والانسجام بين العقل والقلب.”
الجزء 2: طبيعة الذكاء العاطفي
الجزء الثاني من “ملخص كتاب الذكاء العاطفي” للكاتب وعالم النفس دانييل جولمان
عندما يُصبح الشخص الذكي غبيًّا
لا يُجهّزنا الذكاء الأكاديمي لمواجهة تحدّيات الحياة. كلنا نعرف أنّ المهارات التقنية مُهمة، لكن دون ذكاء عاطفي، لا تُحقّق فارقًا. أظهرت البحوث أنّ طُلّاب العقد الأربعينين الذين كانت لديهم مُعدلات ذكاء عاليّة لم يُحققوا نجاحًا حقيقيًا في حياتهم البالغة مُقارنة بأقرانهم ذوي المُعدلات المنخفضة، ولم يكونوا راضين كثيرًا عن حياتهم عمومًا.
فمَا هو الذكاء العاطفي؟ عرّف علماء النفس بيتر سالوفي وجون ماير، صائغي نظرية الذكاء العاطفي، تعريفًا مُفصلًا، يشتمل على العوامل التالية:
- الوعي بالذات : القُدرة على التعرّف إلى العواطف خلال حدوثها.
- إدارة العواطف.
- تحفيز الذات.
- التعرّف إلى عواطف الآخرين.
- التعامل مع العلاقات.
اعرف نفسك
يٌشير الوعي بالذات إلى معرفة مزاجك وأفكارك حياله. مع أنّ التعرّف إلى العواطف لا يعني بالضرورة تغييرها، إلّا أنّ الاعتراف بها هو الخُطوة الأولى للتعامل معها. بمعنى آخر، الإدراك بأنّك غاضب يُمكن أن يُساعدك على التخلّص من هذا الغضب.
ووفقًا لماير (John Mayer)، هُناك أنماط مُختلفة للتعامل مع العواطف:
- الواعي بالذات: يعرف هؤلاء الأشخاص مشاعرهم وعادة ما يكونون في صحة نفسيّة جيّدة وإيجابيين، وإذا كانوا في مِزَاج سيّء، فإنّهم لا يتأمّلون فيه كثيرًا.
- المغمورون: هؤلاء الأشخاص عاجزون عن التعامل مع مشاعرهم؛ فهم ليسوا متيقِّنين من مشاعرهم وليس لديهم السيطرة على حياتهم العاطفيّة.
- المقبولون: يُدرك هؤلاء الأشخاص مشاعرهم لكنهم لا يبذلون جهدًا لتغييرها.
هناك أشخاص يُواجهون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم بالكامل، ويُعرفون بمُصطلح “الكسيثميا“. على الرغْم من ذلك، فإنّ الأشخاص الذين يعانون “الكسيثميا “نقص الانسجام النفسي” يُمكن أن يشعروا بالمشاعر، لكنهم يُواجهون صعوبة في التعبير عنها أو تفسيرها.
عبيد الانفعال أو الهوى
المشاعر الشديدة الفاضحة نادرة بالنسبة إلينا: فمُعظم الناس ينغمسون في مُنتصف النطاق الرمادي، ويرتفعون وينخفضون على سفينة العواطف بين الحين والآخر. ينبغي لنا أيضًا أن نتذكّر أنّ المشاعر السلبيّة لها قيمتها كما للإيجابيّة: كما يُلاحظ غولمان بسُخرية، “أن تكون سعيدًا طول الوقت تُوحي بملل الشارات (smiley-face badges) التي كانت رائجة في السبعينيات.”
يعني تصميم دماغنا أنّه لدينا تحكّم ضئيل أو معدوم في العواطف التي نشعر بها ومتى نشعر بها. مع ذلك، يُمكننا أن نُقرّر كم من الوقت ستدوم هذه العاطفة:
- الغضب: لتهدئته، يُمكنك إمّا مُحاولة التفكير في الفكرة التي أثارته، وإمّا الابتعاد جسديًا عن الشخص – اذهب إلى غرفة أخرى، أو للنزهة، أو لمُمارسة الرياضة.
- القلق: الخُطوة الأولى هي الاعتراف بأنّه لديك فترات قلق. الخُطوة التالية هي أن تسأل نفسك: ما هي احتماليّة حدوث هذا الحدث المُخيف؟
- الحزن: يُمكن القيام بشيئين: تحدّي الأفكار التي تدور في الذهن وجدولة الأحداث المُمتعة التي تُشتّت انتباهك.
القدرة المسيطرة : قُوّة الإرادة
في إحدى التجارِب، قُدّم خِيار لأطفال في سن أربع سنوات: إمّا الحصول على قطعة مارشميلو (marshmallow) واحدة فورًا، وإمّا اثنتين بعد مُدّة زمنيّة قصيرة.
بعد سنوات، تُوبِعُوا هؤلاء الأطفال نفسهم، وتبيّن أنّ الذين يتمتّعون بقُوّة الإرادة كانوا أكثر كفاءة اجتماعيًّا وكانوا قادرين على التعامل مع تحدّيات الحياة.
لماذا؟ لأنّ الأطفال كانوا يمتلكون مهارة في فهم المواقف الاجتماعيّة. كانوا يُدركون أنّ الانتظار مدّة زمنيّة إضافيّة سيجلب لهم فوائد، وفي حالتهم، قطعة مارشميلو إضافيّة. فيما بعد في حياتهم، أدركوا أن تأجيل الدوافع هو جوهر الجهود، مثل الالتزام بنظام غذائي أو الحصول على درجة علميّة مرتفعة، والتي ستُؤدّي إلى نتيجة مُعيّنة.
التفكير الإيجابي والتفاؤل، مثل تأجيل الشعور بالرضا، لهُما أهميّة كبيرة عندما يتعلّق الأمر بالذكاء العاطفي: إذ يعنيان أنّك لن تُصاب بالاكتئاب أو القلق المُفرط في مُواجهة التحدّيات.
جذور التعاطف
القُدرة على استيعاب أو فهم مشاعر الآخرين هي مهارة أساسية يتمّ استخدامها على نطاق واسع في مُختلف المجالات سواءً في العلاقات الرومانسيّة أو تربية الأبناء أو في السياسة.
من الجدير بالذكر أنّ 90 في المئة من الرسالة العاطفيّة يتمّ التعبير عنها بطريقة غير لفظيّة، عن طريق نبرة الصوت والإيماءات، وغيرها.
يُولد البشر مع القُدرة على التعاطف، حيث يبدأ الأطفال بالتفاعل مع مشاعر الآخرين بعد شهرين تقريبًا من الولادة، حيث يستجيبون لمشاعر الآخرين كما لو كانت مشاعرهم الخاصة، على سبيل المثال، يبدأون في البكاء عندما يرون أطفالًا آخرين يبكون.
لذا، يُعدّ البقاء مُتناغمين مع مشاعر الأطفال أمرًا هامًا للآباء والأمهات. فمثلًا، إذا كان الطفل يبكي، يمكن للوالدين أن يهتما به بلُطف ويُحاولا تهدئته، وهذا يُظهر للطفل أنّهما يفهمان مشاعره.
في الجانب المُقابل، يُمكن أن يُؤدّي عدم التناغم مع مشاعر الطفل إلى تأثيرات سلبيّة عليه، حيث إذا تمّ تجاهل دموعه واحتياجاته للراحة والعناية، فقد يتوقّف الأطفال عن التعبير عن مشاعرهم، وفي بعض الحالات قد يتوقّفون حتّى عن الشعور بها، ما يُقلّل من قُدرتهم على التعاطف، وهو أمر مهم جدًا في حياتهم الاجتماعية عندما يكبرون.
الفنون الاجتماعية
في تفاعلنا مع الآخرين، نستخدم مهارات اجتماعيّة مُتنوعة تُساعدنا على التواصل. في حين عدم القُدرة على استخدام هذه المهارات قد يُظهر الشخص الذكي فكريًّا بمظهر مُتغطرس وربّما مزعج.
تأتي تعبيرات المشاعر لدينا بأشكال مُختلفة:
- التقليل من إظهار المشاعر، كما في الثقافة اليابانية حيث يُفضّل عدم إظهار المشاعر السلبيّة في حضور السلطات.
- المُبالغة، كما يفعل بعض الأطفال الصغار عند تجاوبهم بتعبيرات مبالغ فيها مثل: التجاعيد الكثيرة (العبوس).
- الاستبدال، كما في بعض الثقافات الآسيوية، من غير المهذّب أن تقول “لا”، لذلك يقولون نعم (وهي نعم زائفة).
نتعلّم كيف نُطبّق هذه القواعد المُتعلّقة بالتعبير عن المشاعر منذ سن مبكرة. لذا، فيعتمد ذكاءنا العاطفي على مدى استيعابنا لهذه الاستراتيجيات.
هناك أيضًا ما يُعرف بالعدوى العاطفيّة، حيث نتأثّر بمشاعر الآخرين ونشعر كما يشعرون. لذا، تعليم الأطفال على التفاعل بطريقة مُعيّنة يكون عديم الجدوى إذا كان الوالدين يتصرفان على عكسها.
نحن ننقل المِزَاج، وعند التفاعل بين شخصيّن، يكون الشخص الأكثر نشاطًا هو الذي ينقل مزاجه، في حين يكون الشخص الأقل نشاطًا هو المُتلقي.
هذه القُدرة – على التأثير في مشاعر الآخرين – أمر مُهم للغاية ليكون القائد مُؤثرًا، كما يُشير غولمان:
“تحديد النَّغْمَة العاطفية للتفاعل هو، في الواقع، علامة على السيطرة على مستوى عميق وحميم، وهو يعني قيادة الحالة العاطفية للشخص الآخر.”
الجزء 3: تطبيق الذكاء العاطفي
الجزء الثالث من ملخص “كتاب الذكاء العاطفي” للكاتب وعالم النفس دانييل جولمان.
الأعداء الحميمون (الرجل والمرأة)
في الزيجات الأمريكية التي بدأت في القرن التاسع عشر في التسعينيات، كان مُعدّل الطلاق 10 في المئة، وأمّا التي بدأت في الخمسينيات، كان 30 في المئة، وفي التسعينيات كان 67 في المئة.
السبب وراء ذلك هو تراجع الضغط الاجتماعي، ما يعني أنّ الذكاء العاطفي أمر حاسم للأزواج الذين يرغبون في البقاء معًا، لأنّ المجتمع لم يعد يفرض على الأزواج إعطاء بعضهم البعض فُرصة ثانية.
في البداية، يتعلّم الأولاد والبنات كيفيّة التعامل مع المشاعر بطُرق مُختلفة. وعادةً ما يكون الآباء أكثر استعدادًا لمناقشة المشاعر (باستثناء الغضب) مع بناتهم بدلاً من أبنائهم. وبناءً على ذلك، يميل الرجال إلى أن يكونوا أقل تثقيفًا بشأن حياتهم العاطفيّة.
أظهرت عدّة دراسات أنّ المرأة عُمومًا أكثر تعاطفًا من الرجل، وأنّه من الأسهل قراءة مشاعرهم من وجوههم. مع ذلك، فإن هذا التربية لها تأثير سلبي جدًا على الرجال – حيث يتعلّمون تقزيم مشاعرهم وأنّه عليهم التعامل مع الخوف، والشعور بالذنب، والضعف.
لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى العلاقات؟ يعني أنّ النساء يرغبن في التحدّث، والرجال لا يفهمونهن.
في الواقع، يميل الرجال إلى أن يكونوا أكثر تفاؤلًا حول زواجهم، ويرى الأمور بضوء أفضل من زوجاتهم، لذا فإنّهم في كثير من الأحيان لا يعرفون حقًا ماذا تُريد النساء منهم.
ستكون هناك خلافات على أيّ حال، يقول غولمان، لكن الأمر المهم ليس الخلافات في حدّ ذاتها، بل كيفيّة التعامل معها من قبل الأزواج.
الإدارة بالقلب
لنُلقِ نظرة على عالم العمل الآن. يعتقد العديد من القادة التنفيذيين أنّ العمل يتطلّب منهم استخدام العقول، وليس القلوب. ويعتقدون أنّ التعامل بعاطفة مع الناس سيجعل اتخاذ القرارات الصعبة والصائبة أمرًا صعبًا.
مع ذلك، فإنّ الكفاءة العاطفية هي مهارة مفيدة جدًا في مكان العمل. في الواقع، ستُمكّنك من التعامل مع الصراعات قبل أن تتفاقم. هذا مفيد خُصوصًا للقادة، حيث يُشير غولمان إلى أنّ: “القيادة ليست السيطرة،لكن فن إقناع الناس على العمل لتحقيق هدف مُشترك”.
وفقًا لغولمان، هُناك ثلاثة اختلافات يُحدثها تطبيق الذكاء العاطفي:
- القُدرة على التعبير عن الشكاوى كانتقادات مُفيدة. الشركة هي نظام، ودرود الفعل التصحيحيّة هي “دم الحياة” للمنظمة. دُونها، يكون الناس جاهلين بأدائهم. ودرود الفعل التصحيحيّة السلبيّة مطلوبة أيضًا.
مع ذلك، فإنّ القادة غالبًا ما يُؤجلّون ذلك، فهُم ببساطة لا يعرفون كيفيّة إعطائها بطريقة صحيحة. شكل شائع من درود الفعل التصحيحية السلبيّة هو العبارة “أنت فاشل” – وهذا هو أسوأ نوع من التحفيز، حيث يظهر بوضوح للشخص الذي يقول ذلك أنّه لا يهتم بمشاعر الأخرين.
لكن هناك بديل لإعطاء ردود الفعل التصحيحيّة السلبيّة. فكر في النصائح التي أعطاها الطبيب النفسي هنري ليفينسون (Henry Levinson):
- كن مُحدّدًا – ركّز على ما تمّ فعله على نحو جيّد وما تمّ فعله على نحو سيّء وكيف يُمكن تغيير ذلك.
- قدّم حلًا – قد لا يرى الشخص ذلك.
- كُن حاضرًا – قدّم درود الفعل التصحيحية وجهًا لوجه.
- كن حساسًا – فكر في تأثير كلماتك على الآخرين.
- التعامل مع التنوّع. قد تبقى التحيزّات الفردية، لكن ينبغي للمؤسسات تطوير التسامح، كما يقول غولمان. تتكوّن مشاعر التحيّز منذ الطفولة، ولا يُمكن التخلّص منها في الواقع – لكن يُمكن تغيير المُعتقدات الفكريّة والتصرّف وفقًا لذلك.
- الحنكة التنظيميّة ومُعدل الذكاء الجماعي. في الوقت الحاضر، ارتفع عدد “عمّال المعرفة” – أولئك الذين يعملون كمحللين سوقيين، أو مبرمجين، أو كتّاب. خبرتهم متخصصة للغاية، ولكي يكونوا فعّالين، ينبغي تنسيقهم كفريق.
يقول غولمان: ما يهمّ لنجاح المجموعة، ليس الذكاء الأكاديمي، بل الذكاء العاطفي.
العقل والطب
تبدو هُناك مشكلة في مجال الرعاية الطبيّة. في كثير من الأحيان، عندما يهتم الطاقم الطبي بالحالة الجسديّة للمريض، يتجاهلون حالته العاطفيّة. لكن الحقائق لا تُكذّب، فالضغط النفسي يقوم بقمع المناعة، وبعض المشاعر قد تكون سامة. لذا من المنطقي تغيير هذا النهج.
هناك الكثير من الأدلة التي أثبتت قيمة هذا الاقتراح. فالغضب المُستمر والقلق الشديد يجعل الأشخاص أكثر عُرضة للإصابة بمختلف الأمراض. أمّا الاكتئاب فإنّه لا يجعل الناس أكثر ضعفًا، لكنه يعوق عمليّات التعافي.
فكيف يُمكن دمج الذكاء العاطفي في مجال الرعاية الطبيّة؟ هناك عدّة طرق لفعل ذلك.
يُمكن توفير المزيد من المعلومات للمرضى ليكونوا قادرين على اتخاذ قرارات مُستنيرة حول رعايتهم الطبيّة.
قبل الخضوع لعمليّة جراحيّة، يُمكن تزويدهم بتعليمات تُساعدهم على التعامل مع الخوف والقلق.
من الرائع أيضًا أن يتلقّى المريض الراحة النفسيّة المُناسبة من الطبيب أو المُمرضة. يُمكن لهذه الخُطوات البسيطة أن تُحدث فارقًا مهمًا في تجربة المريض.
الجزء 4: نوافذ الفُرص
الجزء الرابع من ملخص “كتاب الذكاء العاطفي” للكاتب وعالم النفس دانييل جولمان.
مِحنة العائلة
كل ما يفعله الآباء والأُمهات سيكون له تأثير دائم في أطفالهم. لهذا السبب، يُمكن للآباء والأمهات الذين يتمتّعون بالذكاء العاطفي أن يكُونوا ذو فائدة كبيرة لأبنائهم، في حين أنّ الآباء والأمهات الذين يفتقرون إلى الوعي العاطفي قد يتسبّبون في أضرار كبيرة كما يُشير غولمان.
تتمثّل أساليب التربية التي يستخدمها الآباء والأمهات الذين يفتقرون إلى الوعي العاطفي في الآتي:
- تجاهل المشاعر تمامًا، يرى الآباء أنّ تعبير الأطفال عن مشاعرهم مُجرّد إزعاج.
- التهاون الزائد، حيث يلُاحظون مشاعر الطفل، لكن لا يتدخلّون عاطفيًا، بل يُحاولون الرشوة والتفاوض مع الأطفال لإيقاف بكائهم.
- عدم احترام مشاعر الطفل، حيث يكونون قاسيين في الانتقاد والعُقوبات، ويُمكن أن يمنعوا أيّ تعبير للغضب أو الاضطراب.
توجد العديد من الأدلة التي تُشير إلى أنّ النجاح الأكاديمي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الخصائص العاطفية التي تتشكّل قبل أن يبدأ الطفل مسيرته التعليميّة. هذه الخصائص تشتمل على الثقة بالنفس، والفضول، والنيّة، والتحكّم الذاتي، والقُدرة على التواصل والتعاون، وكلها تُشكَّل بواسطة الآباء والأمهات.
لذلك، ينبغي للآباء والأُمهات أن يكونوا على دراية بتأثير تصرفاتهم على أطفالهم.
الصدمة وإعادة التعلم العاطفي
اضطراب ما بعد الصدمة، المعروف اختصارًا بـ PTSD، هو حالة صحيّة نفسيّة تنشأ نتيجة حدث صادم، حيث تكون ذكريات هذا الحدث شديدة للغاية. وكما أوضح الدكتور دينيس تشارني (Dennis Charney)، يُمكن أن يتغيّر الضحايا للأبد بيولوجيًا بسبب الحادثة المُدمرة.
يبدأ التغيير في الدماغ فقط إذا شعر الشخص بأنّه لم يكن لديه أيّة سيطرة على منع الحدث الرهيب. إذا كان للشخص حتّى القليل من السيطرة، فسيتحسّن أداؤه كثيرًا.
فما الذي يُمكن القيام به لتخفيف الصدمة أو التخلّص منها؟ يُمكنك إعادة تعليم دماغك العاطفي، كما يقول غولمان.
الخطوة الأولى في العلاج هي خلق شعور بالأمان، ومُساعدة المرضى على فهم أن كوابيسهم (واحدة من أعراض PTSD).
الخطوة التالية هي إعادة بناء تجربتهم في سياق آمن. وبهذه الطريقة، يكتسب الدماغ العاطفي استجابة جديدة لذكرى الحادث.
يُمكن القيام بذلك بالفن، على سبيل المثال، يُمكن للأطفال الذين لم يتمكّنوا من التحدّث عن الحادثة التعبير عن مشاعرهم عن طريق الرسم.
بعد ذلك، تتغيّر الذاكرة، بالإضافة إلى تأثيراتها على الدماغ العاطفي. فترتبط ذكريات الصدمة بالأمان بدلًا من الرعب.
الطباع ليست مصيرًا، “أي تتغيّر”
هل يُمكن تغيير الطباع بصفتها عواطف تُحدّد بيولوجيّا؟
أجرى جيروم كاغان (Jerome Kagan)، عالم نفسي في جامعة هارفارد، دراسة حول هذا الموضوع.
على مدى عقود، كانت الأمهات يأتين بأطفالهن الرضع والصغار إلى مُختبره. كان بعض الأطفال يلعبون بلا تردّد مع الآخرين، بينما كان آخرون خجولين ويُراقبون الآخرين بصمت. وخلال السنوات، لم يتحوّل أيّ من الأطفال الاجتماعيين إلى خجولين، وظلّ ثُلثا الأطفال الخجولين خجولين حتّى النهاية.
الخبر السار هو أنّه لا زالت هناك فُرصة لتغيير مسار حياتك. استنتج كاغان أن استراتيجية الحماية التي يتّبعها الآباء تُؤدّي إلى نتائج سلبيّة، حيث يُحرم الأطفال من الفُرصة للتعامل مع الوضع بأنفسهم. بينما كان الأطفال الذين فُرض عليهم ضغط خفيف قادرين على التغيير.
لا يكون الدماغ مكتملًا تمامًا عند الولادة. إنّه يتشكّل على مدى حياتنا، رغم أنّ هذه العمليّة تكون أكثر حدّة في الطفولة، إلّا أنّنا ما زلنا قادرين على تشكيله. والطفولة هي فُرصة لتشكيل عواطفنا، لذا فإنّ بعض التوجيهات العاطفية من الآباء قد تكون ذات فائدة كبيرة.
الجزء 5: محو الأمية العاطفية
الجزء الخامس من ملخص “كتاب الذكاء العاطفي” للكاتب وعالم النفس دانييل جولمان.
تكلفة الأمية العاطفية
في إحدى الدراسات، قام الباحثون بمُقارنة الحالة العاطفيّة للأطفال الأمريكيين في مُنتصف السبعينيات وفي نهاية الثمانينيات. وقد أظهر تقييم الآباء والمُعلمين تدهورًا في الأحوال العاطفيّة، حيث لاحظوا أنّ الأطفال كانوا يُعانون مُشكلات اجتماعيّة أكثر، مثل تفضيل العُزلة والاعتمادية. وكانوا يشعرون بعدم الحب، ويُعانون التوتر الزائد الذي يُؤثّر في قُدرتهم على التركيز، وكذلك يُكثرون من الخيالات، بالإضافة إلى زيادة في العدوانيّة.
أشار غولمان إلى أنّ هذه الظاهرة ليست محصُورة على نطاق معيّن، بل هي عالميّة، وترجع أسبابها إلى التطوّرات الاقتصاديّة العالميّة. حيث بدأ الآباء (الأب والأم) في العمل لفترات أطول، ما أدّى إلى ترك الأطفال لوحدهم. وقد أثّرت هذه الوضعيّة على الأطفال بطريقة سلبيّة، حيث تُرك العديد من الرضع في رياض الأطفال السيّئة الإدارة، ما أدّى إلى زيادة في مُعدلات الجريمة بين الشباب.
تكمن أسباب هذه المُشكلة في الحتميّة البيولوجيّة، أو في الفقر، أو في المُشكلات العائليّة، أو رُبّما تكون جميعها معًا. بالرغم من ذلك، يزيد النُقص في الذكاء العاطفي من مخاطر تأثيره في الطفل… لذا، ينبغي أن تلعب الأُسرة دورًا حيويّا في توجيه وتشكيل عواطف الأطفال منذ الصغر، عن طريق تقديم الاهتمام والدعم العاطفي المُناسب.
تعليم العواطف
ينبغي إدراج الثقافة العاطفيّة كمادة تعليميّة في المدارس. لن تجلب الدروس نتائج فورية، بل ستستغرق وقتًا، ربّما سنوات، لتتمكّن من التعامل مع حياتك العاطفيّة، لأنّ هذه المُمارسات ينبغي لها أن تترسّخ بعُمق في عقلك. وهناك تقييمات موضوعيّة يُمكن أن تُساعد على تقييم السلوك.
المعايير الرئيسة للثقافة العاطفيّة هي:
- الوعي الذاتي العاطفي: تحسين القُدرة على التعرّف إلى العواطف وتسميتها، والقُدرة على فهم سبب الشعور بها.
- إدارة العواطف: تقليل السلوك العدواني والمدمّر للذات، والقُدرة على التعبير عن الغضب بطريقة مُلاءمة.
- استغلال العواطف بطريقة إيجابيّة: المزيد من المسؤولية والسيطرة على النفس.
- التعاطف: القُدرة على قراءة عواطف الآخرين.
- التفاعل مع العلاقات: زيادة التعاون والمُشاركة، وتحسين القُدرة على حل مُشكلات العلاقات.
خلاصة القول
كما رأيتم، فانطلاقًا من ملخص كتاب الذكاء العاطفي، اكتشفنا أنّ الذكاء العاطفي مهارة حياتيّة مُهمة. لذا ينبغي لنا تعلّمها من أجل التعامل مع الآخرين بطريقة مُناسبة، وفهم عواطفهم، ومُساعدتهم على التحكّم فيها والتعامل معها. وبذلك، يُمكننا تحقيق النجاح في الحياة الشخصيّة والمهنيّة.
اكتشاف المزيد من Snazzy Skills
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.